وفي معنى الوراء قولان:
أحدهما: أنه بمعنى " بعد "، قاله أبو صالح عن ابن عباس، واختاره مقاتل، وابن قتيبة.
والثاني: أن الوراء: ولد الولد، روي عن ابن عباس أيضا، وبه قال الشعبي، واختاره أبو عبيدة.
فإن قيل: كيف يكون يعقوب وراء إسحاق وهو ولده لصلبه، وإنما الوراء: ولد الولد؟ فقد أجاب عنه ابن الأنباري، فقال: المعنى: ومن وراء المنسوب إلى إسحاق يعقوب، لأنه قد كان الوراء لإبراهيم من جهة إسحاق، فلو قال: ومن الوراء يعقوب، لم يعلم أهذا الوراء منسوب إلى إسحاق، أم إلى إسماعيل؟ فأضيف إلى إسحاق لينكشف المعنى ويزول اللبس. قال: ويجوز أن ينسب ولد إبراهيم من غير إسحاق إلى سارة على جهة المجاز، فكان تأويل الآية. من الوراء المنسوب إلى سارة، وإلى إبراهيم من جهة إسحاق، يعقوب. ومن حمل الوراء على " بعد " لزم ظاهر العربية.
واختلف القراء في " يعقوب "، فقرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو، والكسائي، وأبو بكر عن عاصم: (يعقوب) بالرفع. وقرأ ابن عامر، وحمزة، وحفص عن عاصم: (يعقوب) بالنصب.
قال الزجاج: وفي رفع " يعقوب " وجهان:
أحدهما: على الابتداء المؤخر، معناه التقديم، والمعنى: ويعقوب يحدث لها من وراء إسحاق.
والثاني: وثبت لها من وراء إسحاق يعقوب.
ومن نصبه، حمله على المعنى، والمعنى: وهبنا لها إسحاق ووهبنا لها يعقوب.
قوله تعالى: (يا ويلتي أألد وأنا عجوز) هذه الكلمة تقال عند الإيذان بورود الأمر العظيم.
ولم ترد بها الدعاء على نفسها، وإنما هي كلمة تخف على ألسنة النساء عند الأمر العجيب وقولها:
(أألد) استفهام تعجب. قال الزجاج: و (شيخا) منصوب على الحال. قال ابن الأنباري:
إنما أشارت بقولها هذا لتنبه على شيخوخيته.
واختلفوا في سن إبراهيم وسارة يومئذ على أربعة أقوال: