أن يضيف رجلا، فجاء بهم، ولم يعلم بهم أحد إلا أهل بيت لوط، فخرجت امرأته فأخبرت قومها، فجاؤوا يهرعون إليه.
قوله تعالى: (سئ بهم) فيه قولان:
أحدهما: ساء ظنه بقومه، قاله ابن عباس.
والثاني: ساءه مجئ الرسل، لأنه لم يعرفهم، وأشفق عليهم من قومه، قاله ابن جرير.
قال الزجاج: وأصل " سئ بهم " سوئ بهم، من السوء، إلا أن الواو أسكنت ونقلت كسرتها إلى السين.
قوله تعالى: (وضاق بهم ذرعا) قال ابن عباس: ضاق ذرعا بأضيافه. قال الفراء: الأصل فيه: وضاق ذرعه بهم، فنقل الفعل عن الذرع إلى ضمير لوط، ونصب الذرع بتحول الفعل عنه، كما قال: (واشتعل الرأس شيبا) ومعناه: اشتعل شيب الرأس.
قال الزجاج: يقال: ضاق فلان بأمره ذرعا: إذا لم يجد من المكروه في ذلك الأمر مخلصا.
وذكر ابن الأنباري فيه ثلاثة أقوال:
أحدها: أن معناه: وقع به مكروه عظيم لا يصل إلى دفعه عن نفسه، فالذرع كناية عن هذا المعنى.
والثاني: أن معناه: ضاق صبره وعظم المكروه عليه، وأصله من ذرع فلانا القئ: إذا غلبه وسبقه.
والثالث: أن المعنى: ضاق بهم وسعه، فناب الذرع والذراع عن الوسع، لأن الذراع من اليد، والعرب تقول: ليس هذا في يدي، يعنون: ليس هذا في وسعي، ويدل على صحة هذا أنهم يجعلون الذراع في موضع الذرع، فيقولون: ضقت بهذا الأمر ذراعا، قال الشاعر:
إليك إليك ضاق بهم ذراعا فأما العصيب، فقال أبو عبيدة: العصيب: الشديد الذي يعصب الناس بالشر، وأنشد:
يوم عصيب يعصب الأبطالا * عصب القوي السلم الطوالا وقال أبو عبيد: يقال: يوم عصيب: إذا كان شديدا.
قوله تعالى: (يهرعون إليه) قال ابن عباس، ومجاهد: " يهرعون " يسرعون. وقال الفراء، والكسائي: لا يكون الإهراع إلا إسراعا مع رعدة. قال ابن قتيبة: الإهراع شبيه بالرعدة، يقال: أهرع الرجل: إذا أسرع، على لفظ ما لم يسم فاعله، كما يقال: أرعد. قال ابن