وفي معنى الكلام وجهان ذكرهما الزجاج:
أحدهما: في معزل من السفينة.
والثاني: في معزل من دين أبيه.
قوله تعالى: (يا بني اركب معنا) قرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو، وعاصم، وابن عامر، وحمزة، والكسائي (يا بني اركب) مضافة، بكسر الياء. وروى أبو بكر عن عاصم (يا بني) مفتوحة الياء هاهنا، وباقي القرآن مكسورة. وروى حفص عنه بالفتح في كل القرآن (يا بني) إذا كان واحدا. قال النحويون: الأصل في (بني) ثلاث ياءات، ياء التصغير، وياء بعدها هي لام الفعل، وياء بعد لام الفعل هي ياء الإضافة. فمن قرأ (يا بني) أراد: يا بنيي، فحذف ياء الإضافة، وترك الكسرة تدل عليها، كما يقال: يا غلام أقبل. ومن فتح الياء أبدل من كسرة لام الفعل فتحة، استثقالا لاجتماع الياءات مع الكسرة، فانقلبت ياء الإضافة ألفا، ثم حذفت الألف كما تحذف الياء، فبقيت الفتحة على حالها. وقيل: إن المعنى: يا بني آمن واركب معنا.
قوله تعالى: (سآوي) أي: سأصير وأرجع (إلى جبل يعصمني) أي: يمنعني (من الماء) أي: من تغريق الماء.
(قال لا عاصم اليوم) فيه قولان:
أحدهما: لا مانع اليوم من أمر الله، قاله أبو صالح عن ابن عباس.
والثاني: لا معصوم، ومثله ماء دافق، أي: مدفوق، وسر كاتم، وليل نائم، قاله ابن قتيبة.
قوله تعالى: (إلا من رحم) قال الزجاج: هذا استثناء ليس من الأول، والمعنى: لكن من رحم الله فإنه معصوم. قال مقاتل: إلا من رحم فركب السفينة.
قوله تعالى: (وحال بينهما الموج) في المكني عنهما قولان:
أحدهما: أنهما ابن نوح والجبل الذي زعم أنه يعصمه، رواه أبو صالح عن ابن عباس، وبه قال مجاهد.
والثاني: نوح وابنه، قاله مقاتل.
* * * وقيل يا أرض ابلعي ماءك ويا سماء اقلعي وغيض الماء وقضي الأمر واستوت على الجودي وقيل بعدا للقوم الظالمين (44) ونادى نوح ربه فقال رب إن ابني من أهلي