قال ابن الأنباري: شبهت أعالي الأرض وأماكنها المرتفعة لعلوها، بالتنانير.
واختلفوا في المكان الذي فار منه التنور على ثلاثة أقوال:
أحدها: أنه فار من مسجد الكوفة، رواه حبة العرني عن علي عليه السلام. وقال زر بن حبيش: فار التنور من زاوية مسجد الكوفة اليمنى. وقال مجاهد: نبع الماء من التنور، فعلمت به امرأته فأخبرته، وكان ذلك بناحية الكوفة. وكان الشعبي يحلف بالله ما كان التنور إلا بناحية الكوفة.
والثاني: أنه فار بالهند، رواه عكرمة عن ابن عباس.
والثالث: أنه كان في أقصى دار نوح، وكانت بالشام في مكان يقال له: عين وردة، قاله مقاتل.
قوله تعالى: (قلنا احمل فيها) أي: في السفينة (من كل زوجين اثنين). وروى حفص عن عاصم: (من كل) بالتنوين. قال أبو علي: والمعنى: من كل شئ، ومن كل زوج زوجين، فحذف المضاف. وانتصاب (اثنين) على أنهما صفة لزوجين، وقد علم أن الزوجين اثنان، ولكنه توكيد. قال مجاهد: من كل صنف. ذكرا وأنثى. وقال ابن قتيبة: الزوج يكون واحدا، ويكون اثنين، وهو هاهنا واحد، ومعنى الآية: احمل من كل ذكر وأنثى اثنين. وقال الزجاج: المعنى: احمل زوجين اثنين من كل شئ، والزوج في كلام العرب يجوز أن يكون معه واحد، والاثنان يقال لهما: زوجان، يقال: عندي زوجان من الطير، إنما يريد ذكر أو أنثى فقط.
وقال ابن الأنباري: إنما قال (اثنين) فثنى الزوج، لأنه قصد قصد الذكر والأنثى من الحيوان، وتقديره: من كل ذكر وأنثى.
قوله تعالى: (وأهلك) أي: وأحمل أهلك. قال المفسرون: أراد بأهله: عياله وولده.
(إلا من سبق عليه القول) أي: سبق عليه القول من الله بالإهلاك. قال الضحاك: وهم امرأته وابنه كنعان.
قوله تعالى: (ومن آمن) معناه: واحمل من آمن. (وما آمن معه إلا قليل) وفي عددهم ثمانية أقوال:
أحدها: أنهم كانوا ثمانين رجلا معهم أهلوهم، رواه عكرمة عن ابن عباس.
والثاني: أن نوحا حمل معه ثمانين إنسانا، وبنيه الثلاثة، وثلاث نسوة لبنيه، وامرأة نوح.
رواه يوسف بن مهران عن ابن عباس.
والثالث: كانوا ثمانين إنسانا، قاله أبو صالح عن ابن عباس. وقال مقاتل كانوا وأربعين رجلا