وأيضا قد يعلمه أهل الخبرة في الفأرة، وهذا مؤيد لعدم اشتراط العلم في كثير مما سبق فتذكر، ومؤيد أيضا لعدم نجاسة ما ينفصل من الحي، فإنها طاهرة عندهم بالاجماع، مع أنها جلدة رماها الغزال فتأمل. انتهى.
ولا وجه لهذه التأييدات مع عدم نص على الحكم المذكور كما اعترف به، بل الجميع من قبيل الدعاوى العارية عن الدليل، وقد عرفت أن مقتضى القاعدة المذكورة المتقدمة هو المشاهدة أو الوصف الرافع للجهالة، والكيل والوزن والعدد فيما كان من هذه الأقسام، واستثناء بعض الأفراد عن مقتضى القاعدة يحتاج إلى دليل بل لو ورد الدليل في بعض الموارد لردوه كما في مسألة البيع بحكم المشتري أو البائع أو أجنبي، فإنهم قد ردوا الرواية المتقدمة الصحيحة الصريحة في جواز البيع بحكم المشتري، وهذا المحقق المذكور ممن وافقهم على ذلك كما تقدم في كلامه في تلك المسألة، فكيف مع عدم الدليل كما في هذه المسألة. ومجرد شهرة الحكم بينهم لا يوجب التخصيص لتلك القاعدة.
على أنه قد روى في التهذيب عن عبد الأعلى بن أعين، قال نبئت عن أبي جعفر عليه السلام أنه كره شراء ما لم تره (1).
وروى في الخصال عن محمد بن سنان مسندا إلى أبي جعفر عليه السلام أنه كره بيعين:
اطرح وخذ من غير تقليب، وشراء ما لم تر (2).
واستعمال الكراهة بمعنى التحريم في الأخبار كثير كثير كما نبهنا عليه في غير موضع والخبران المذكوران مؤيدان لما ذكروه من القاعدة في هذا المقام، فالخروج عنها بغير دليل غير معقول، إلا أن يقال - كما قدمنا الإشارة إليه -: إنه لا ضابطة ولا قاعدة في ذلك، بل المرجع إلى النصوص فيما دلت عليه جوازا ومنعا، والحال أنه لا نص