ويدل عليه بالنسبة إلى البيع: ما رواه في التهذيب عن علي بن أبي حمزة قال: سمعت معمر الزيات يسأل أبا عبد الله عليه السلام فقال: جعلت فداك إني رجل أبيع الزيت يأتيني من الشام فآخذ لنفسي شيئا مما أبيع؟ قال: ما أحب لك ذلك! فقال: إني لست أنقص لنفسي شيئا مما أبيع، قال: بعه من غيرك، ولا تأخذ منه شيئا، أرأيت لو أن الرجل قال لك:
لا أنقصك رطلا من دينار، كيف كنت تصنع؟ لا تقربه " (1).
أقول: ظاهر قوله " أرأيت لو أن الرجل.. الخ ": إن شراء الوكيل لنفسه أو بيعه من نفسه لا يدخل تحت ذلك الاطلاق، الذي اقتضته الوكالة، وإلا فإن مقتضى الوكالة صحة البيع والشراء بما رآه الوكيل وفعله، فلا معنى لقوله بالنسبة إليه -: " لا أنقصك رطلا من دينار " لو كان داخلا في اطلاق الوكالة. ويؤكد ذلك: ما قدمناه من كلام الرضا عليه السلام في الفقه الرضوي وموثقة إسحاق. (2) ومما يدل على ما دل عليه خبر علي بن حمزة بالنسبة إلى البيع أيضا: ما رواه في التهذيب عن خالد القلانسي، قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: الرجل يجيئني بالثوب فأعرضه، فإذا أعطيت به الشئ زدت فيه وأخذته. قال: لا تزده. فقلت: فلم؟ قال: أليس أنت إذا عرضته أجبت أن تعطي به أوكس من ثمنه؟ قلت: نعم، قال: لا تزده " (3).
أقول: ومعنى الخبر المذكور - على ما يظهر لي -: هو أن الرجل يجيئه بالثوب ليبيعه له فيعرضه على المشتري، مع كونه مضمرا إرادة شرائه، فإذا أعطاه المشتري قيمة في ذلك الثوب زاد هو على تلك القيمة شيئا، وأخذ الثوب لنفسه، فنهاه الإمام عليه السلام عن ذلك، وبين له أن العلة في النهي: هو أنه لما كان قصده أخذ الثوب لنفسه، وإنما يعرضه على المشتري لأجل أن يبرئ نفسه عن التهمة بأخذه بأقل من قيمته. ولكن الظاهر أن العادة المطردة فيمن أراد أن يشتري شيئا: إنه ينقص عن ثمنه الواقعي لأجل