وظاهر الخبر: كراهة الربح عليه مطلقا إذا كان الشراء لغير التجارة، إلا أن يشتري بأكثر من مأة درهم، فيجوز أن يربح عليه قوت يومه.
ولا يخفى ما فيه من المخالفة لكلامهم، مع أنه قد روى الشيخ في التهذيب والصدوق في الفقيه عن علي بن سالم عن أبيه قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الخبر الذي روي " أن ربح المؤمن على المؤمن ربا " ما هو؟ فقال: " ذلك إذا ظهر الحق وقام قائمنا - أهل البيت عليهم السلام - فأما اليوم فلا بأس أن تبيع من الأخ المؤمن وتربح عليه (2).
وروى الشيخان المذكوران عن عمر بن يزيد بياع السابري قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: جعلت فداك إن الناس يزعمون أن الربح على المضطر حرام وهو من الربا، فقال: وهل رأيت أحدا اشترى غنيا أو فقيرا إلا من ضرورة، يا عمر قد أحل الله البيع وحرم الربا، فاربح ولا ترب. قلت: وما الربا؟ فقال: درهم بدراهم، مثلين بمثل، وحنطة بحنطة، مثلين بمثل (3).
أقول: ظاهر هذين الخبرين يؤذن بأن الخبر الأول إنما خرج مخرج التقية، لأن الأول منهما - وإن دل على مضمون الخبر الأول - لكن خصه بما بعد خروج القائم عليه السلام دون هذه الأوقات، إلا أن الخبر الثاني دل على نسبة الخبر المذكور للناس الذي هو كناية عن المخالفين، وهو عليه السلام قد كذبهم في ذلك، ورد عليهم في أن المشتري مطلقا لا يشتري إلا من حيث الحاجة والضرورة إلى ذلك الذي يشتريه.
فإن قيل: إنه لا منافاة، لجواز حمل الخبر الأول على كراهة الربح على المؤمن،