والذي وقفت عليه في هذا المقام من الأخبار: ما رواه في الكافي عن عامر بن جذاعة، عن أبي عبد الله عليه السلام " أنه قال في رجل عنده بيع فسعره سعرا معلوما فمن سكت عنه ممن يشتري منه باعه بذلك السعر، ومن ماكسه وأبى أن يبتاع منه زاده، قال: لو كان يزيد الرجلين والثلاثة لم يكن بذلك بأس فأما أن يفعله بمن أبى عليه وكايسه ويمنعه ممن لم يفعل ذلك فلا يعجبني إلا أن يبيعه بيعا واحدا " (1) أقول: قوله: عنده بيع أي متاع يبيعه، والمراد بالزيادة يعني من المتاع لا السعر، كما ربما يتوهم من ظاهر السياق: والمراد أن من لم يماكسه يبيعه بسعره المعلوم ومن ماكسه نقص له السعر وزاده من المتاع. والظاهر أن تجويز الرجلين والثلاثة لما قدمناه من رعاية حالهم للفقر أو العلم والصلاح.
قيل: ويحتمل أن المعنى أنه إذا كان التفاوت في السعر، لأن المشتري منه يشترى جميع المتاع، أو أكثره بيعا واحدا فيبيعه أرخص ممن يشتري منه شيئا قليلا كما هو الشايع فلا بأس. ولعله أظهر انتهى.
أقول: لا يخفى حسن هذا المعنى في حد ذاته، أما فهمه من سياق الخبر فالظاهر أنه لا يخلو من بعد.
وكيف كان فظاهر هذه الرواية، كما ترى، كراهة المفاوتة بسبب المماكسة وعدمها.
وما رواه في الكافي - أيضا - عن ميسر " قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام:
إن عامة من يأتيني من إخواني، فحد لي من معاملتهم ما لا أجوزه إلى غيره، فقال:
إن وليت أخاك فحسن، وإلا فبع بيع البصير المداق " (2).
أقول: الظاهر أن قوله: " إن وليت أخاك " من التولية بمعنى البيع بالثمن الذي اشتريت من غير زيادة ولا نقصان، وهو الربح والمواضعة. وأما ما قيل من أن المراد