فالأولى إنما هو حمل الخبر الثاني على ما ذكره الأصحاب من الاشتراط أو الاتفاق.
وعلى هذا أيضا تحمل أخبار بيع الخشب ليعمل صلبانا أو أصناما.
ويمكن أن تحمل أخبار المنع على الكراهة، جميعا بينها وبين ما دل على الجواز.
ويشير إلى ذلك صحيحة ابن أذينة أو حسنته الثانية، حيث نفى البأس فيها عن بيع الخشب ليعمل برابط، ومنع من البيع ليعمل صلبانا، مع أن الأمرين من باب واحد. بأن يقال بشدة الكراهة في عملها صلبانا فنهى عنه وإن كان جائزا.
والمقدس الأردبيلي - هنا - قد استدل على تحريم البيع والإجارة ممن يعلم بترتب تلك الغاية المحرمة على البيع أو الإجارة، وإن لم يحصل الاشتراط، على الوجه الذي ذكره الأصحاب - بأن فيه معاونة على الإثم والعدوان، مع وجوب النهي عن المنكر، وايجاب كسر الهياكل، وعدم جواز الحفظ، وكسر آلات اللهو، ومنع الشرب والحديث الدال على لعن حامل الخمر وعاصرها، المذكور في الكافي، ومنع بيع السلاح لأعداء الدين، فإنه يحرم للإعانة، وهو ظاهر.
وفيه: أن ما ذكره جيد في حد ذاته، لو سلم من المعارضة بأخبار العصير المذكورة، فإنها ما بين صريح وظاهر في صحة البيع في الصورة المذكورة، مع كثرتها وصحة كثير منها.
وأما قوله - رحمه الله -: ويمكن حملها على وهم البايع أن المشتري يعمل هذا المبيع خمرا لكونه ممن يجعله خمرا، أو يكون الضمير راجعا إلى مطلق العصير والتمر لا المبيع، ولا صراحة في الأخبار ببيعه ممن يعلم بجعل هذا المبيع خمرا.
بل لا نعلم فتوى المجوز بذلك. وبالجملة فالظاهر: التحريم مع علمه بجعل هذا المبيع خمرا بل ظنه أيضا فتأمل. انتهى.
فلا يخفى ما فيه من التعسف والتكليف، والخروج عن ظاهر الأخبار بل صريحها،