الدنيا والطبيعة، فإنه غير ممكن تصديقه، فلا تذهل.
فبالجملة: تحرر أن الجمع بين العقل والنقل ممكن جدا، وجميع الإشكالات في هذه الأبواب، ناشئة من القول بالمادة الجوهرية المتبدلة الفاسدة، والكلام يحتاج إلى تتميم نتعرض له في محله الأنسب إن شاء الله تعالى.
ثم في نسبة الجريان إلى الأنهار إشعار بقاعدة عقلية: وهي أن الدار الآخرة لهي الحيوان، فلا تكون مجازية. والله العالم.
البحث الثالث حول تجسم الأعمال في قوله: * (قالوا هذا الذي رزقنا من قبل) *، إشارة إجمالية إلى تجسم الأعمال والأخلاق، فإن ما رزقوا من قبل ليس إلا الأعمال الصالحة التي وعدوا عليها، فإذا دخلوا في تلك الجنة كأنهم رأوا تلك الأعمال متجسمة بصورة الثمرات، فقالوا: * (هذا الذي رزقنا من قبل) *، فما ذهب إليه جمع من المتكلمين وطائفة كثيرة من أهل التشريع: من بطلان تجسم الأعمال أو امتناعه العقلي، قابل للمنع بمقتضى هذه الآية.
وحمل الآية على الادعاء والاستعارة على خلاف الأصل. اللهم إلا أن يقال بأن المقصود من الآية الشريفة توضيح أن أهل الجنة يكون مقالهم ذلك بالنسبة إلى ما يرون فيها متكررا، فيقولون: * (هذا الذي رزقنا من قبل وأتوا به متشابها) * بالنسبة إلى تلك الثمرات في الجنة.