بالخير والشر، والمناجاة مع إله العالم الخالق لكل شئ، بصورة السؤال وبشكل الاستفهام متذكرين، لما كان عندهم من الاطلاع، فإنه المتعارف بين العبيد والموالي، فإنه إذا كان أحد لا يحب الشريك في الشئ يشتهي منع وجوده بأي نحو أمكن، فيتوسل بأية وسيلة - ولو بإبراز ما هو الواضح عند الجاعل العالم - إلى الدفع والمنع بذكر مساوئه ولو كانت فيه المحاسن أيضا، وبذكر محاسنه ولو كانت فيه المساوئ والجهالات، فيقول: * (أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك) *.
وفي ذلك كمال إبراز العشق للرب ونهاية إظهار الحب في الله بالله، نظرا إلى أنه يلزم الأمر الفاسد في النظام المحبوب لهم، لأنه نظام الله وخلقة الله، ففي هذا الابراز والسؤال - مضافا إلى أنه ليس سوء أدب بحسب طينتهم وجبلتهم - نهاية التعشق لله العظيم والشغف بخلقه وفعاله المحمودة جدا، جاهلين عن الحوادث الآتية والمسائل المترقبة، والجهل عذر عقلي وعرفي وشرعي، فحفاظا على طهارة العالم عن الأدناس يسألون الله تعالى عن جعله. وأجيبوا: بأن من وراء هذه الدناسة والقذارة مصالح عالية وراء ما سيتخيلونه ويظنونه، فإن بعض الظن إثم.
الوجه السادس المراد ب " الأرض " في الإتيان بكلمة * (في الأرض) * مع أنه من المتعلقات الغير اللازم ذكرها - كما مر - إشعار بمحيط المجعول، وأنه الجانب السفلي.