المتباعدتين صدرا وذيلا. وهذا في نهاية الاستحسان والبلاغة، وفي غاية اللطف، فتكون كهمزة الوصل بين الآيات السابقة واللاحقة في الصفة الواحدة.
الوجه الثامن حول المراد من اتباع آدم لإبليس ربما يخطر بالبال أن إبليس والشيطان، بعدما كانا واحدا وإن اختلفا اعتبارا، بمعنى أن إبليس اسم ذات، والشيطان اسم الذات المعتبر معها صفة الشيطنة والوسوسة، إن إبليس ترك السجدة - حسب ما مر - لكونه غير موافق لها، ولا يمكن الأمر بالنسبة إليه، وإنما الاستثناء منقطع يشهد على أنه بطينته متخلف عن أمثال هذه الامتثالات، وإن كان يؤمن بالله ويتبرأ من المتمردين، ويقول: * (ما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي...) * (1) إلى آخره، فعلى هذا كيف كان في الجنة؟ وكيف يناسب أن يصغي إليه خليفة الله تعالى، حيث صرح الكتاب العزيز * (فأزلهما الشيطان عنها فأخرجهما مما كانا فيه) *.
وهذا خلاف البلاغة في الخطابة ونقل الحكاية والقصة، لظهور التنافي بين خلافة الله والإصغاء إلى مثل إبليس، بعد كونه عالما أعلم من الملائكة، وبعد ما كان عارفا بتخلف إبليس، مع أن ظاهر الآية الشريفة أنهما في الجنة، أي آدم وزوجه.