فعلى مسلك المفسرين وأصحاب الرأي وأرباب التدبر * (قالوا سبحانك) * قياسا ونظارة على توهم سوء الأدب المستشم من محاجتهم وحوارهم، أو بالنظر إلى نسبة الخلاف - كالفساد والسفك - إلى مصنوعه تعالى وخليفته، أو بالنظر إلى لوازم ذلك من الجهالة وخلاف الحكمة، أو بالنظر إلى توهم علمهم بشئ زائدا على ما علمهم الله تعالى، فعند هذه الأمور ينبغي التسبيح والوفاء بما ادعوا، وإنا نحن نسبح بحمدك ونقدس لك * (لا علم لنا) * على الإطلاق بنفي الطبيعي، فلا خبر وراء الاستثناء، ومن ذلك النفي هو العلم بعدم العلم فسراية المستثنى إلى المستثنى منه صحيح وجاز قولهم * (لا علم لنا إلا ما علمتنا) * أي في وقت علمتنا، أو الشئ الذي علمتنا، أو شيئا علمتنا * (إنك أنت العليم الحكيم) * بالضرورة، واختيار توصيفه تعالى بهما معلوم بما مر، كما أن اختيار هذه التأكيدات اللفظية واللغوية، وإظهار العجز بلسان الذات، تنبئ عن حدود الملائكة وكيفية وجودهم ومرتبتهم.
* (قال يا آدم) * أبو البشر المخلوق الشخصي المادي الأرضي، غير المسبوق بآدم آخر هو أب له * (أنبئهم بأسمائهم) * انكشف لهم ما خفي عليهم من الأمور الكثيرة بإنباء آدم، وامتثل آدم أمر ربه بإظهار ما يعلم من الأخبار العظيمة والمعلومات الكثيرة، أو أنبئهم بأسماء الملائكة من بين سائر الأشياء، لأنهم إذا التفتوا إلى عدم عثورهم على خواص وجوداتهم، وأسماء أشخاصهم، وآثارهم وكمالاتهم وطريقتهم في الآتي، ينتبهون إلى سعة علم آدم الذي هو ليس منهم، فإذا ينبغي التسبيح لآدم والسجدة لمثله