الأرض التي لا يمكن نظامها إلا بالاختيار والإرادة النافذة المباشرة في مقابل النظام الكلي المشهود في العالم على حسب قانون العلية والمعلولية، ولا معنى لجعل الخليفة عن الجن في الفساد وعن النسناس في سفك الدماء والاختلال، فلابد من كونه خليفة في الخيرات والمبرات، والأمور اللازمة في أوساط البلاد وفي الأعصار والأمصار فهو خليفة عمن يليق به ذلك ويريده، وليس هو إلا الله تبارك وتعالى.
وإن شئت قلت: الآية تدل على أن كل بني آدم خليفة الله في الأرض، لتنظيم البلد وإيصال الحقوق إلى ذويها وإعدام الظالمين، وأن يكون سفك دمائهم بسفك دم الظالمين المفسدين، لا الصلحاء المؤمنين.
نعم كل هؤلاء خليفة الله على وجه الترتيب اللازم رعايته، وكل إنسان خليفة الله على وجه لا يستلزم منه الفساد، فإنه كر على ما فر عنه، وهذا نظير الترغيب المرعي في أولياء العقود والأمور والحسبيات والأمور اللازمة في نظام عائلة البشر. أقول: هذا كله يشبه الخطابات والشعريات، دون البرهانيات، فدلالة الآية على وجه شرعي على المسألة غير ثابتة جدا.
تذييل: جواز فعل القبيح عليه تعالى قد اشتهر بين المسلمين أن الأشعري يجوز فعل القبيح عليه تعالى (1)، ويعتقد بجواز الظلم عليه، والذي أظنه أنهم حسب بعض أدلتهم