ولا بد أن يكون أفعال الخليفة والآثار المترتبة على وجوده، أكثر خيرا من شرورها، فإن من يجعله الله تعالى خليفة في الأرض هو الخليفة عنه تعالى - حسب الظاهر - وهو السفاك المفسد، إلا أنه لمكان الخيرات الكثيرة في وجوده يجوز جعله خليفة.
اشتراط العدالة في خليفة الرسول ومن هنا يظهر بحث كلامي، كان ينبغي الإيماء إليه في البحث السابق: وهو أن خليفة الرسول أيضا لا يعتبر أن يكون عادلا، كما عليه جمع من المتكلمين، كيف وخليفة الله يفسد في الأرض ويسفك الدماء، فخليفة الرسول لا بأس بأن يعتبر كذلك، ولا سيما إذا كان مفسدا قبل تصدي الخلافة وعادلا حين الخلافة، بل يكفي كون أفعاله الخيرة أكثر لكونه خليفة، فلا منع من تصدي الظالمين لعهد الله تعالى وعهد الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم).
أقول: هذا - مضافا إلى منافاته ومناقضته لصريح قوله تعالى:
* (لا ينال عهدي الظالمين) * (1) - أن ظهور الآية الشريفة في أن المجعول في الأرض هو خليفة عن الله غير بعيد، ولكن المفسد والسفاك ليس ذلك المجعول، لأن من هو مورد الجعل هو طبيعة الإنسان حسب القضية المهملة، أي الإنسان بحسب القدرة والقوة جعل خليفة الله، ولكن هذا لا ينافي خروج الآحاد والأفراد منها عن الحدود المعينة الإلهية بالإفساد