الوجه الثاني حول نسبة القول إليه تعالى قد مر حقيقة القول بحسب اللغة، وأما انتسابها إليه تعالى فهو من المجاز الجائز، ولا حاجة إلى الالتزام بالحقيقة، وإرجاع مادة القول إلى المعاني العامة، الشاملة لمطلق الإبراز التكويني والإظهار العيني، كما قد يصنع في كتب أهل الذوق (1)، وقد مر توضيح مقالتهم وفساد مرامهم، وإن كان الوالد المحقق - مد ظله - يوجهها بأمتن الوجوه الممكنة (2)، إلا أنها بعيدة عن الصواب في محيط العرف واللغة.
وعلى هذا تكون النسبة من المجاز في الإسناد، دون المجاز في الكلمة، لأنه استعمل بحسب الإرادة الاستعمالية في معناها التصوري، إلا أنه أسند إليه ادعاء أن ما يخطر ببال الملائكة ويظهر لهم ويتجلي عندهم يكون خارجا عن إبراز الله وإظهاره، وهو قوله تعالى، والتفصيل في محله.
وعلى كل لا بأس بكونه من المجاز في الكلمة فيكون في الإسناد أيضا مجاز. وأما تحقيق كيفية قوله تعالى للملائكة، فيأتي في البحوث الآتية إن شاء الله تعالى.