الوجه الرابع عشر حول إخبار الملائكة من المسائل الخلافية بين فضلاء البلاغة والأدب: أن الأخبار تقوم مورد الإفادة، وإلا فلا إخبار، وإذا لم يكن إخبار فلا صدق ولا كذب، وهذه الآية تدل على قول الخصم حيث أمر الملائكة بالإنباء، وهو الإخبار، مع أنه تعالى كان عالما لا فائدة في خبرهم بالنسبة إلى المخبر له.
فقوله تعالى: * (أنبئوني) * من المجاز، أي أنبئهم، والإضافة إشراقية، لحضوره تعالى في مجلس المخاصمة والمقابلة.
وفيه أولا: أنه لا يعتبر الفائدة في المدلول المطابقي، وتكفي في الالتزامي، ويكفي لتحقق الخبر صدور الجزم أو التجزم، وإلا ففي موارد اطلاع المخبر على كذب الخبر، لا يترشح عنه الجزم بالإفادة والإخبار عن المفاد بالضرورة.
وثانيا: فيما نحن فيه تكون الفائدة في الخبر وإن لم تكن للآمر - فإن المخبر له في الحقيقة هي الملائكة - وهو الله تعالى، إلا أن بالنسبة إليهم فيه الفائدة دونه تعالى، إلا أن ما يرجع إليه هو أن يتبين للملائكة جهالتهم بالأسماء.
وهنا مناقشة: وهي أن الملائكة لو كانوا يعتقدون أن آدم يفسد في الأرض، فلهم أن يدعوا أنه يكذب على الله تعالى، ولا يعلم شيئا من الأسماء، وإن كانوا مستعدين لمعرفة الأسماء وبتعليم آدم، فلا تفوق له عليهم،