فيا أخي ويا شقيقي وعزيزي: إن راقم هذه السطور وكاتب هذا الدستور بعيد عن المحاسن الآدمية، ومنغمر في الرذائل الحيوانية، بل هو أضل وأذل، ولكنك أيها القارئ المخلص وصديقي الخالص لا تظن أن هذه الأمور وهذه الورطة وتلك الخطرات المهددة في الطريق استهزاء وسخرية ومجاز واستعارة، لا والله، كلا بالله، بل كل ما جاء به النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) والولي في كلماته، والأئمة (عليهم السلام) في الأخبار الصحيحة، حق لا مفر منها فخذ بيدك، وكن جاهدا في ليلك، وارج وتمن من ربك، وأخلص له وكن مريدا وجهه جدا، وعازما قطعا على هذا السفر، الذي أنت فيه وفي طريقه وفي وسطه، وعلى ذلك الجسر والصراط الذي تكون الدنيا أوله، والبرزخ وسطه، والآخرة منتهاه، والجنة وراءه، فالجحيم مسيطرة عليك من الجهات الست، ولا تنجو منها إلا بعد ما تتجاوز الصراط وتلك القنطرة الطويلة، فكن من شيعة الذين يقولون وينادون بأعلى أصواتهم: جزنا وهي خامدة (1)، جزنا وهي بعيدة عنا، ولا تلمسهم ولا يلمسونها، لأن الجحيم لأهلها، ولا تتجاوز إلى غيرهم، إن الدار الآخرة شاعرة حية مدركة تدري وتميز بين الأشقياء والسعداء، فلا تكون ظالمة ومتعدية بالضرورة، فعليك أن تكون مثالا لهم وممثلا لأمثالهم.
ويا أيها العزيز والصديق: إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلا، فيكون هو تعالى في هذا المقصود والغرض الأعلى، وفي هداية الناس في نهاية اللطف والرحمة، وفي نهاية الجود والرحمة، فلا يتحاشى عن ذلك