المسألة الخامسة نسبة الأفعال إليه تعالى من المسائل التي لابد من لفت نظر المفسرين إليها، مسألة نسبة الأفعال والأعمال إلى الله تعالى وإلى غيره، وملاحظة الضمائر والنسب مما تعطي كثيرا من المعارف والحكم.
مثلا في هذه الآيات نسب تعليم العلم إليه تعالى، وهو ظاهر في أنه تعالى قد تصدى لذلك مباشرة، ورب آدم (عليه السلام) في ذلك بالملاصقة، على وجه لا يلزم منه خروج الممكن عن حد الإمكان فيما لا يزال، ولا يلزم منه نزول الواجب عن حد وجوبه، وقد مر، وذلك لأن الوسائط الموجودة في البين موجودة بإيجاده تعالى ومستندة إلى إرادته، فيستند إليه تعالى ما هو المتأخر بنحو الأولوية والأحقية، لأنه المفيض حقيقة، والوسائط ممر الفيض، فنسبة الأفعال المتوسطة إليه تعالى جائزة حسب الموازين العقلية، ويستكشف من هذه الآيات كيفية وجود النسب، وحمل الانتساب على المجازية خلاف الأصول الأولية، وهكذا نسبة العرض إليه تعالى، وغير ذلك مما ترى في هذه الآيات الثلاث.
كما أن تخيل: أنه تعالى مباشر لهذه الأفعال - كما عن جماعة من القشريين - نظرا إلى ظواهر الآيات الشريفة باطل عاطل عند ذوي الألباب والنهى والأبصار والهدى.