الآمر إلا أنه لا يمكن حصول المعلق عليه، ويفيد بذلك أنه أمر ليس للتكليف بالمحال حتى يتمسك به - كما تمسكوا بهذه الآية - على جوازه، وسيجئ بعض الكلام حول بحوث أصولية إن شاء الله تعالى.
وغير خفي: أن من المحتمل أن يكون النظر في نسبة الصدق إلى الملائكة - على وجه القضية الشرطية - إلى أن الملائكة ارتكبوا مناقضة في القول، وهي أنه تعالى في موقف يصلح للسؤال عن جعله من يسفك الدماء ويفسد في الأرض، مع أنهم يقولون: * (نحن نسبح بحمدك ونقدس لك) * فيعلم منه أنهم كاذبون في هذا التحميد والتقديس، كالكذب الذي مر في الآية المذكورة في الوجه الخامس.
الوجه الثامن توصيف الملائكة له تعالى في إتيان كلمة * (سبحانك) * نهاية اللطف والحسن، نظرا إلى التوهم المذكور المستشم من كلام الملائكة، ومؤيدين بها صدق مقالتهم:
إنهم يسبحون الله ويقدسونه، وفي نفي العلم من أنفسهم نهاية الخضوع اللازم عقيب الاستكبار المشاهد بدوا عنهم، وفي عدم نسبة الجهل إلى أنفسهم أيضا، بعض نكات تأتي في المسائل العقلية إن شاء الله تعالى.
وفي إتيان الجملة المؤكدة بذكر " الحكيم " بعد " العليم "، إشعار بأن أفعاله تعالى غير جزاف، ولا يجعل هو تعالى مفسدا وسفاكا، بل مقرونا بالمصالح العالية، أو لا يجعل رأسا وبتاتا، وتقديم العليم على الحكيم