ولو لم يعتقدوا بالآخرة والمعاد. نعم الاعتقاد بالآخرة لازم عقلا وشرعا، ولكن النعيم والخلود فيها حق المعتقدين بالمبدأ والعاملين بالصالحات والأعمال الحسنة.
وأنت خبير بأن مقتضى الجمع بين الآيات هو أن من لا يعتقد بالآخرة لا ينجح، ومع ذلك لأمنع من كونه لأجل الإيمان والعمل الصالح مستحقا للثواب من وجه، وممنوعا ومحجورا من وجه آخر، كما هو كذلك بالنسبة إلى المالكين المحتجزين والممنوعة أموالهم في هذه النشأة، وفي الجزائيات والحقوق، فتدبر جيدا.
الوجه الثاني عشر حول الاهتمام بهداية الأنام من أحسن وجوه البلاغة والمحسنات الخطابية، أن يتوجه المخاطبون ويعلموا بأن المتكلم متمحض في هدايتهم وإرشادهم، ويسد عليهم جميع الأبواب نظرا لنجاحهم وبلوغهم إلى الكمال الأبدي والسعادة الدائمية، فإن في ذلك جلبا لهم وخدمة وإعلاما بتهيئه أن يهديهم إلى السبيل السوي والصراط المستقيم، وإذا كان المخاطب والخطيب واضح الاعتقاد في مرامه، وظاهر الأمر في طلبه يجتذب الناس نحو المقصود والمطلوب، وفي هذه الآية الكريمة الشريفة أعلن: أن الله في صراط هذا الأمر لا يستحيي عن أمثال هذه الأمثال، وعن ذكر هذه الأمور والحيوانات والموجودات، لأن النظر إلى المعنى الأهم والغاية القصوى الأتم.