والمدارج الإلهية، البعيدة عن أذهان الناس إلا من شذ، فعندئذ يمنع جواز الاستدلال بل والظهور في هذه الأمور الاعتقادية، التي تدور مدار العقول القادسة والأفهام النافذة الخاصة بطوائف نادرة والأنبياء والأولياء، فلا يتمكنون إلا أن يتكلموا على الوجه المتشابه، فإن القرآن كتاب متشابه تقشعر منه الجلود، فاغتنم.
الأمر الرابع الاستعانة بغير الله قد اشتهر بين طائفة من أهل الخلاف عدم جواز التمسك بغير الله، وممنوعية الاستعانة بغير الله تعالى، حتى وصلت نوبة إنكارهم إلى إنكار الشفاعة، ويأتي تفصيله، ويكفيك ردا لفساد مقالتهم صراحة قوله تعالى: * (واستعينوا بالصبر والصلاة) *، فإنه يستفاد منه التشبث بهما بعنوانهما لحل المشاكل والمعضلات، لا بمعنى إقامة الزكاة والصوم والصبر والصلاة، والتصبر عليها في الإتيان بهما صحيحة جامعة للشرائط كاملة الأجزاء.
فعلى هذا يتبين جواز الاستعانة بهما، متشبثين بتوسطهما للمسائل الدنيوية والأخروية، وما ذلك إلا لكونهما من الأعمال الحميدة والأفعال الجائزة للتقرب بهما من الله تعالى، فإذا كان ذلك جائزا في موردهما، ففي غيرهما يصح التشبث بالأولوية، كالتمسك بالنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) والولي (عليه السلام) وغيرهما.