إلى الكافرين بالعبادة وتوجيه لهم إلى أن الله تعالى الذي هو كذا وكذا، أولى بالعبادة من تلك الأباطيل والأوثان والأصنام، ويجوز أن يكون من هنا انطلاق إلى أمر آخر، وهو إفادة الدليل على التوحيد الذاتي.
والذي هو الأقرب: أن قوله تعالى: * (وأما الذين كفروا) * كان ظاهرا على وجه - حسب ما مر - في طائفة خاصة، وهم " الذين آمنوا ثم كفروا " لأجل عدم إدراكهم تلك الأمثال، والمراد من " الفاسقين " أيضا تلك الطائفة حسب ما أفيد في وجه، فعليه من ذيل الآية السابقة ينتقل الكلام إلى أن يرشد الكافرين العابدين للأصنام إلى ما هو الحق، وألا يتشبثوا بما تشبثوا به، وليتدبروا في آيات الله، وليرفضوا ما يتخيلون ويتوهمون في مسألة الأمثال والحكم.
ويؤيد ذلك قولهم: * (ماذا أراد الله) * فإن منه يعلم إقرارهم بالله تعالى، وإنما خلافهم في العبادة والرسالة التي تنهاهم عن تلك العبادة الباطلة.
فمن هنا يظهر فساد مجموع ما في التفاسير من ربط الآية بتلك الآيات، بل هنا ربط أقرب وأقوى.
الوجه الثاني حول السؤال ب " كيف " قد اختاروا: أن " كيف " هنا للتعجب أو للتوبيخ، مع أن الأمر ليس كذلك، فإن البلاغة العالية تنافي التعجب، لأنه يقرع نفوس المستمعين، وخلاف موازين الإرشاد والوعظ.