من العلقة والمضغة... وهكذا إلى أن تهيأت لنزول الصور العلمية فيها كلها، وحيث كان الفيض عاما والفاعل تاما، نزلت عنده الصور برمتها والأسماء بأجمعها، فلا يكون المعلم إلا الله تعالى، فالقول بأن التعليم رفع الحجب عن تلك الهيولي والمادة غير مصيب في وجه.
وحيث قد عرفت أن آدم المعلم ليس هو الآدم الشخصي الخارجي البالغ سنين، بل هو جهة كلية آدمية موجودة في كل إنسان وفي بني آدم كلهم، فتلك الطينة فيها العلوم كلها على نحو البساطة والاندماج، وعلى نحو الاختفاء، وأن الأسماء مفاضة عليها من ذي الأسماء، لما فيه من تلك القابلية الخاصة، بخلاف الملائكة المتكيفة البالغة حدها الوجودي، يتبين لك بعد ذلك أن المعلم يرفع الحجب ولا يفيض، فإن الإفاضة حق الله تعالى، ولا يعطي الصورة، بل هو مذكر ما سلف في معراج آدم، وينبه على ما عنده المكتوم من القديم البعيد، فالقول بأن المعلم يفيض باطل عاطل من وجه، وكلا القولين حق، نظرا إلى ما حررناه وقربناه، وقرأنا لك فاستمع لما يوحى إليك، ولا تكن من الجاهلين، والحمد لله رب العالمين.
المسألة الثانية حول تجرد النفس من المسائل التي تستنتج - حسب الموازين العقلية - من هذه الآية أن آدم فيه من القوة في قوس الصعود إلى أن يصير جامعا للأسماء الإلهية والصفات الكلية والسعة الوجودية على وجه به يتم