الحق بالباطل بتقديم الحق في الجملة وتقديم الآيات في الآية السابقة وبتكرار الحق دون الباطل، فإنه ملبوس بالحق ومكتوم عليه، وفان وعاطل، فلا يذكر ثانيا عند قوله تعالى: * (وتكتموا الحق) *، فكل ذلك ترقيق لبيان الحق وإفناء الباطل إلى أن انتهى في الجملة في سيرة الطبيعي، الذي شرع عند قوله: * (ثمنا قليلا) * إلى أن ذهل عنه بالمرة عند قوله: * (وتكتموا الحق) *.
وفي ختم الآية بتشريفهم بالعلم أيضا تعظيم لهم، كي يهتموا بما هو المقصود من التوجيه والإرشاد، فاغتنم. مع أنهم متوغلون في الجهالة، إلا أنه إحياء لارتكازهم ورجوعهم إلى كتابهم المصرح بنبوته (صلى الله عليه وآله وسلم)، ثم أردف مثال الحق والحقيقة وضم الواقعية، بذكر الصلاة والزكاة والركوع والخضوع للإسلام مع الجماعة الراكعين، والإقرار والاعتراف بالكتاب الناسخ، وبهذه النسخة الخالدة. وهذا أيضا من وجوه البلاغة والخطابة من ذكر العناوين الأولية العقلية، وهو الحق والباطل، ثم تطبيقهما على ما عنده، وهو الصلاة والركوع والزكاة ونسيان الأنفس في البر بعد كونهم آمرين به وهادين للناس إليه.
الوجه الثامن حول نفع الآية العام من أحسن وجوه البلاغة أن يكون الكلام والمخاطبة مع الطائفة الخاصة، على وجه يلتفت إليه كل من يسمع، وهذا لا يمكن إلا مع اشتمال