وأما النهي عن التقرب فقد تعارف في الكتاب العظيم، مثل قوله تعالى: * (لا تقربوا مال اليتيم) * (1) وقوله تعالى: * (ولا تقربوا الزنا) * (2)، وهذا فيه أيضا تأكيد بليغ، ويجوز حمل الأمر هنا على التعبد والإيجاب، لاستلزام التقرب أحيانا عصيان المولى، ولازمه تعدد العصيان لو تقرب من مال اليتيم وأكل، وهكذا في مشابهات المسألة.
ويجوز أن يكون النهي عن التقرب، كناية عن التفكر عن كيفية الولوج في الخلاف وكيفية الاستعانة بالغير في الوصول إليه، ويكون نهيا كنائيا عن أنحاء الأمور الموجبة للعصيان، من التفكير الوحداني والاجتماعي، والاستعانة بالغير من الآلات والأناسي، وغير ذلك، وهذا هو الأقرب إلى البلاغة ووجوه المعاني الرادعة عن التحاقهما بالظالمين. والله هو المعين.
الوجه السادس ترتب الظلم على العصيان في إتيان فاء " فتكونا " بعد النهي الإلزامي إشعار بأنه مترتب عليه بلا اختيار، وأن المناهي الإلهية تستتبع المفاسد الأخلاقية، بل وتصير الطينة محجوبة، بعد ما كانت * (فطرت الله التي فطر الناس عليها) * (3)،