أرسل رسلا منهم من قصصنا عليك مرارا، ومنهم من لم نقصص عليك ولو مرة واحدة، وما ذلك إلا لأن مدعي البلاغة والفصاحة، يتوجه إلى حدود عجزه عن الإتيان بمثله، وأنه أتى بقصة واحدة مرارا، ولا يتمكن جميع الفصحاء والبلغاء عن الإتيان بمثلها مرة واحدة، فاغتنم جيدا.
الوجه الثاني حول عدم الإتيان بكلمة " إذ " لم يأت بكلمة " إذ " في صدر هذه الآيات، إشعارا - حسب الاحتمال - بأن السنخية المعنوية قوية جدا بينها وبين الآية السابقة المصدرة بكلمة " إذ "، مع أن الترنم الخاص الموسيقي الثابت عند أهله لا يناسب هذه الكلمة.
الوجه الثالث حول الإتيان بضمير الجمع في " قلنا " حيث أريد بالأمر آدم بقوله: * (أسكن) * وكان أمرا شخصيا، أفاد ذلك بقوله: * (وقلنا) * بصيغة الجمع وبالشأن، كي يلتفت أهل النظر إلى أن السنخية مفقودة بين الرب الواجب الوجود والمربوب الممكن، وإنما الحامل للقول الشؤون المتوسطة بينهما، من جبريل وغيره، وأنه كان يستمع هذه المقالة من الشجرة والجدران، كما سمع موسى (عليه السلام).