البحث الثالث دلالة مادة الأمر على الوجوب من المسائل الخلافية بين علمائنا الأصوليين، مسألة ظهور مادة الأمر في الوجوب وعدمه، فذهب الوالد المحقق إلى الأول مستدلا بالتبادر (1)، والعلامة الأراكي - قدس سره - إلى أنه لمطلق الطلب (2).
ومن هذه الآية يستفاد أن مادة الأمر للإيجاب، فإن قوله تعالى:
* (يقطعون ما أمر الله به أن يوصل) * ظاهر في أن ما أمر الله به هو الواجب بالضرورة، فيكون الأمر دليلا على الوجوب، وتكون مادة الأمر ظاهرة فيه.
والذي تحرر عندنا في الأصول (3): أن البحث المذكور غلط، ضرورة أن مادة الأمر ليست موضوعة إلا لصيغة الأمر بما لها من المعنى، والوجوب أو الطلب المطلق من معاني الصيغة، وليس مادة الأمر موضوعة له، فإذا قال الله تعالى: * (ما أمر الله به أن يوصل) *، فلا يتبادر منه إلا أن الله تعالى أوجب الوصل بإحدى الوسائل، كصيغة الأمر، من غير كون مادة الأمر موضوعة للوجوب أو لمطلق الطلب، وهكذا قوله تعالى: * (فليحذر الذين يخالفون عن أمره) * (4)، فإن المنصرف من " أمر ربه " هو الصيغة المتعلقة