تعالى: * (بعضكم لبعض عدو) *، أيضا إبداء لهذه الجهة، نظرا إلى المصالح الكلية النوعية، فلا يكون إخبارا، بل بنفس قوله تعالى:
* (بعضكم لبعض عدو) * صار بعضهم عدوا للآخر، فلا تكون أوامر الله تعالى في هذه المسائل إلا كلمح بالبصر أو هو أقرب.
فبالجملة: لا يعقل صدور القبيح منه تعالى، لأنه ظلم، ويمتنع الظلم عليه، حسب ما تحرر في محله، وأما احتمال كون المخاطب طبيعي آدم فهو الحق في المقام ظاهرا، فلامنع من خطاب الجمع، ولا يكون جملة * (بعضكم لبعض) * قيدا، بل في موقف إظهار التعليل، ويسقط كثير من بحوث القشريين.
واحتمال كون المراد ذرية آدم الآتية في الأزمنة الموجودة في عالم الذر، وإن كان ممكنا، ولكنه خلاف ظاهر الآيات جدا.
البحث الرابع دلالة الآيات على الاختيار لا يجوز لأحد أن ينكر دلالة هذه الآيات الخمسة الطيبة على وجود الاختيار والإرادة والقدرة، ودخالة الأشياء بعضها في حصول بعض، وشرطية شئ لشئ، فإنها بأجمعها صريحة في صحة الأمر والنهي والسؤال والمؤاخذة والعقاب والثواب، وأن الهداية والكفر من الإنسان وآدم بالإرادة والاختيار والتفكر والتدبر، وأن الإزلال من المختار المسمى بالشيطان وجه وسبب للخروج، فيكون هناك قانون العلية والمعلولية، فمن ذهب من الأشاعرة إلى تلك الأباطيل فهو خلاف هذه الظواهر جدا، بعد