البحث الثالث حرمة الموجبات للظلم اختلفوا في الشجرة - كما يأتي في ذيل المباحث الآتية - والذي يظهر للمتدبر ويتبين للمتفكر: أن كل شجرة يدرك أن التقرب إليها يوجب الظلم الممنوع - عقلا، والواضح عرفا وشرعا وعند العقلاء ولدى العقول الفطرية - تكون تلك الشجرة منهيا عنها.
فما في كتب جمع من أصحاب التفسير من تعيين الشجرة الخاصة، أو في مثل كتاب الفخر: أنه لا حاجة إلى تعيينها (1)، غير جيد، بل قوله تعالى: * (فتكونا من الظالمين) * يعين تلك الشجرة الخبيثة، ضرورة أن الشجرة المباحة - ظاهرا - شرعا لا توجب الظلم، وكل ما يستتبع الظلم ممنوع، سواء كان مبغوضا مادة وذاتا أو عنوانا ذاتيا أو عرضيا وثانويا، فالشجرة المغصوبة هي المنهي عنها، لعموم التعليل، فإنه يستفاد من قوله تعالى: * (فتكونا من الظالمين) * أن الظلم ممنوع عنده تعالى، ويوجب صحة العقوبة عليه، سواء كان ظلما كالغصب والقتل والجرح بلا حق، أو كان تجاوزا بالنسبة إلى حقوق البشر والحكومة الإسلامية، وغير ذلك مما يدرك العقل أنه ظلم، وهذا لا يرجع إلى أن الظلم بعنوانه الذاتي محرم كي يقال بامتناعه - كما حررناه في الأصول - بل يرجع إلى استفادة