وأنه تعالى لا يحب أن يكونوا أول كافر بالحق، فعليهم أن يلتحقوا بالإسلام، كي لا يكون كفر الآخرين تبعا لكفرهم، واتباعا لسوء اختيارهم.
وفي قوله تعالى: * (مصدقا لما معكم) * نهاية البلاغة والترقيق لعواطفهم، وأنه كتاب لا يضادكم ولا يتهمكم في سيرتكم وسيرة أسلافكم وآبائكم.
الوجه السادس حول الإتيان بقيد " الأول " ربما يخطر بالبال أن قوله تعالى: * (أول كافر به) * وقوله تعالى:
* (ثمنا قليلا) * يشعر بجواز الكفر الثاني والمتأخر، أو بجواز النفاق، بأن يعترفوا ظاهرا كي لا يكونوا أولا في الكفر، ويرمز إلى جواز المبادلة على الثمن الكثير، وهذا خلاف البلاغة والوعظ، وضد المطلوب قطعا.
وقد عرفت: أن اعتبار الأول بالقياس إلى أنهم مخصوصون بالخطاب، وكأنهم أول من توجه إليه الكتاب شرافة وتشريفا، فلابد من نهيهم عن كونهم الأول في الكفر به، فاغتنم، وهذا أحسن مما في " المنار " (1) وغيره.
وأما ذلك الثمن هي التوراة - كما تأتي الإشارة إليه - لتحريفها، ولكون ما عندهم قليلا منها، وفيه التورية، فإنه قليل واقعا بالنسبة إلى القرآن، وقليل عندهم لما لم يكن عندهم كله على ما هو المعروف،