الوجه السادس حول الاستثناء المنقطع في الآية من الأمور المتوهم أنها تضاد البلاغة هو الاستثناء المنقطع، وقد ذكروا: أن هذه الآية من الاستثناء المنقطع، فيلزم خلاف لا يمكن الالتزام به، فلابد من دفعه وذبه.
والإنصاف: أنه ما أنصف من توهم: أن الاستثناء المنقطع خلاف البلاغة، ضرورة أن المتكلم يتمسك لتأكيد كلامه ولتثبيت مرامه بأنحاء شتى من أقسام التأكيد: اللفظية والمعنوية والصريحة والكناية، ومن ذلك الاستثناء المنقطع، فإنه به يورث صراحة المستثنى منه، وأنه تمام المرام ومتأكد، ولا شك فيه، ولا شئ خارج عنه، ولو فرضنا أنه هنا شئ خارج فهو لابد أن يكون من غير جنس المستثنى منه، وهذا أحسن وجوه البلاغة والفصاحة والأدب. قال الله تعالى: * (لا يذوقون فيها الموت إلا الموتة الأولى) * (1)، فأنت إذا تدبرت في الآية، بعدما أمعنت النظر فيما أبدعناه وأزمعت فيها، تجد أن سبل القرآن العظيم وسبل الأرواح اللطيفة والنفوس الظريفة واحدة، ولا تفرق بينهم، وأن الكتاب التدويني عين التكويني في الحقائق الروحية والذوقية وغيرها، وهما عين العترة الإلهية، والتفصيل في مقام آخر، وقال الله تعالى: * (لا تأكلوا أموالكم بينكم