القرآن ناظر إلى خواص القصص وآثارها، وإلى هداية الناس إلى كمالاتهم، فيراعى جوانب اخر غير جانب التأليف والتصنيف المتعارف، فهو كتاب هداية وموعظة ونور، ومعجون جامع فيه المكررات كثيرا في شتى النواحي ومختلف الجوانب، إلا أنها لكل ذلك سرا وتحت كل تكرار نكتة، فلا يجوز قياسه بسائر المقاييس الملحوظة في سائر الرسائل والكتب، وكن على بصيرة من أمرك، تجد إلى حل هذه المشاكل سبلا واضحة.
الوجه الثامن المناقضة المتوهمة في الآية يستغرب قوله في هذه الآية * (كلما رزقوا منها من ثمرة رزقا قالوا هذا الذي رزقنا من قبل وأتوا به متشابها) *، لأن الجملة الشرطية تدل على الملازمة الكلية والاستمرار، وهذا بعيد جدا، فإنه يجوز ذلك مرة أو مرات مختلفة، لا دائمية متسلسلة، ولو انقطع ذلك ولو مرة يلزم الكذب، لأن قضية الملازمة في القضية الشرطية إخبارية، لا إنشائية، نحو قولهم:
كلما طلعت الشمس فالنهار موجود، و * (كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقا) * (1)، فإنه يصح لإمكان أن يأتي عنده مرة أو مرات معدودة، وأما ارتزاقهم في الآخرة فهو دائمي، أي اكلها دائم، فالرزق لا ينقطع، فقولهم:
* (هذا الذي رزقنا من قبل) * لابد وأن لا ينقطع مع أنه غير ممكن تصديقه.
أقول: