كما أن الظاهر القوي أنه ليس موجودا شخصيا، لأنه لو كان شخص آدم (عليه السلام) نبيا لكان نسبة السفك والإفساد إليه باطلة غير جايزة.
ومنه يعلم أن التنوين تنكير، وفي حكم الإهمال، وأن المقصود معنى كلي، وطبيعة في قبال سائر الطبائع، إلا أنها من الطبائع المستلزمة للفساد والإفساد في قبال طبيعة الملك، وهذا لا ينافيه الآيات الآتية المخصوصة - مثلا - بشخص خاص، لأنه أيضا من ذلك الطبع وتلك الطبيعة، فلابد من ملاحظة المصالح والمفاسد، وحدود اختلاف مراتبهما، واختيار الأصلح والأهم. فلوجود مثل آدم فيها جعلها خليفة، ولو كان بعضهم يفسدون في الأرض ويسفكون الدماء بغير حق.
فتحصل إلى هنا: أن التنوين تنكير وإبهام، وتبين أيضا: أن المجعول أصل الإنسان وطبيعته لا الشخص الخاص الذي هو الإنسان الأول الذي يأتي بتفصيل في الآيات الآتية إن شاء الله تعالى.
الوجه الثامن حول استشارته تعالى للملائكة ربما يخطر بالبال أن هنا ما يوهم خلاف البلاغة، لظهور الآية في أنه تعالى استشار تلك الزمرة من الملائكة، وأعلمهم بذلك حتى يكونوا مطلعين على الأمر، ويقولوا ما قالوه ويبرزوا ما برز عنهم.
أو يخطر بالبال: أن هذا القول والإخبار غير مفيد بعد ما لم يكن فيه الخير للقائل ولا للمقول له ومجرد اطلاعهم على ذلك الخليفة وإبراز التبرم بخلقه لا يكفي لجواز إخبارهم بذلك، بل سيظهر أن فيه الشر لبروز