الإسراء - بالليل، مع أن الإسراء هو السير في الليل، وربما يعد ذلك من المحسنات، لأنه من التجريد والتفريد، ثم التعظيم والتفخيم، لأهمية الأعمال الصالحة، كما هو كذلك جدا.
والذي هو التحقيق: أن الإيمان له مراتب بعدد المؤمنين، فمن المرتبة الشامخة ما لا يستتبع الفساد حتى في الوهم والخيال، ومن المراتب الدانية ما يتعانق مع الأباطيل في الأفعال والأقوال، فالإيمان بما هو هو يجتمع مع الإلحاد العملي وإن لم يكن إيمانا راقيا أو منجيا ويكون وديعة ومستودعا وزائلا أحيانا * (ثم كان عاقبة الذين أساؤوا السوأى أن كذبوا بآيات الله) * (1).
المبحث الثاني حول استحقاق الثواب يستظهر من قوله تعالى: * (أن لهم جنات تجري) * مقالة المعتزلة القائلين: بأن الإطاعة توجب الثواب، ضرورة أن الترتيب دليل السنخية والملازمة، وأن الأعمال الصالحة توجب ذلك.
وفيه: أن الآية ظاهرة في أن عقيب الأعمال الصالحة تكون الجنات الكذائية، ولا إشعار فيه بالاستحقاق، وما في كلام المستدل: بأن الوقوع غير مقصود فالاستحقاق مراد، غير صحيح، لأن الوقوع مقالة الحكماء في باب الجزاء، وسيمر عليك الإشارة إليه - إن شاء الله تعالى -