فإن هذه الموسوعة الخالدة الباقية اشتملت على كلية الجهات اللازمة في سير الإنسان الناسوتي إلى الملأ الأعلى الكروبي، ومع كونها في هذا الموقف تضمنت كلمات متقاربة متشابهة ومتكررة، كي تلتفت الروح إلى أن المسيرة واحدة، والسير والصراط على مستوى فارد بلا عوج ولا أمت.
هذا، مع أن تكرار المضامين بألفاظ متقاربة، أو تكرارها بقوالب خاصة مسانخة مع أسماء المستمعين، مما لابد منه، وذلك لضيق مجال الكلام ذاتا، مع أن اختيار الألفاظ المعقدة والبعيدة المحتاجة إلى قواميس اللغات، إتعاب في المطلوب وتبعيد للمسافة وإزعاج للروح وإفناء للعمر وإضلال لعوام الناس.
الوجه الثاني عشر الانسجام بين هذه الآيات بعد ما أمعنت النظر في كيفية ربط هذه الآيات مع ما قبلها، ترى أن بينها أيضا نهاية الانسجام، فإنه تعالى أولا ابتدأ بلفت نظر تلك الطائفة ومن يصغى إلى هذه الآيات من غير هذه الفرقة إلى الإيمان بالعهد العام، من التوحيد على أنحائه المحررة البالغة إلى ستة عشرة - حسب ما أوضحناها في بعض تحريراتنا العرفانية والفلسفية - ثم بعد ذلك، وبعد ما وعظهم بالنعمة الكلية الجامعة، شرع في تنبيههم إلى الرهب منه فقط، وهو اللطيف الرؤوف في هذا الموقف.