والذي يظهر بعد التأمل: أن لكل شئ خاصة تترقب منه وتنتظر، وإذا زالت تلك الخاصة صح استناد الموت إليه، ومنه قوله تعالى:
* (يحيي الأرض بعد موتها) *، فإن ذات الأرض ربما تموت وتزول خاصتها، ولا يمكن الزرع فيها، فإن الأرض بحسب قابلية الزرع على ثلاثة أقسام: فمنه الموات، والأرض الموات التي لا قابلية فيها للزرع، ولا تقبل قابلية الزرع.
فعلى هذا إذا قيل: * (كنتم أمواتا) * يجوز أن يراد منه الوجود السابق على الحياة النباتية والحيوانية لما لا يكون فيه الخاصة، ويجوز أن يراد منه الوجود الحيواني، فإنه لا يترتب عليه الخاصة الإنسانية، ويجوز أن يراد منه الوجود الإنساني الجاهل الغافل الضال. وعلى كل تقدير يكون استعماله في الكل على نعت الحقيقة، ويجوز إطلاق الموت على الحي وبالعكس، باعتبار الخاصة الموجودة فيه وفقد الخاصة الأخرى.
المسألة الثالثة حول كلمة " ثم " قد مر البحث حول حرف الفاء، وأما " ثم " فهو حرف عطف دال على الترتيب والتراخي، وقال ابن مالك:
الفاء للترتيب باتصال * وثم للترتيب بانفصال (11) وقيل: تلحقه التاء، كما قيل: