" لا " لنفي الجنس، كما قال به سيبويه في كلمة الإخلاص، فيكون من النفي التام والسلب الكامل غير المحتاج إلى الخبر المحذوف، حتى يلزم الإشكال المعروف في حصول التوحيد بالإقرار بكلمة الإخلاص، وجهان، بل قولان محرران في الأصول (1)، وقد أشرنا إليه في هذا الكتاب في موضع منه، وأنه لا يعقل نفي الطبيعي عقلا، والسلب التام ممتنع ثبوتا إلا بحسب الادعاء والتخيل، وعندئذ لا بأس بكون الاستثناء متصلا، والمستثنى منه مذكورا، وهو مفهوم العلم، وعندئذ يكون الموصول إشارة إلى العلم، أي لا علم لنا إلا علما علمتنا، وحذف العائد أيضا من وجوه بلاغة هذه الآية، ولو كان كلمة " ما " وقتية، أي إلا في وقت علمتنا، فلا يضرهم أيضا بما هو مقصودنا، فافهم واغتنم.
الوجه الحادي عشر جواز إظهار الشك بالنسبة إلى العقائد اعلم أن من وجوه اللطف ومظاهر الحسن والبلاغة في هذه الآيات الثلاثة، توجيه الناس إلى أن التصديق والإذعان والإيمان والإيقان، لا معنى له إلا بالدليل والبرهان، وأنه لابد لكل ممكن في كل موطن من المناقشة وإظهار ما في قلبه من الشك والشبهة، حتى تزول الشكوك والشبهات، وينجو من التسويلات والتخيلات، وجميع المشاكل حلها بيد