بذاته " غير صحيح، ولا يصدق عليه إلا أنه خير محض بالقياس إلى معاليله مثلا.
فقوله تعالى: * (أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء) * واقعي إلا أن وجود هذا النحو من الوجود بالقياس إلى كلية النظام، لازم واجب، وسفك الدماء والإفساد بالقياس إلى القطر الخاص شر، وبالقياس إلى القطر الأعلى خير، من غير أن يكون الخير والشر خارجين، أو يكون الشر عدما محضا، أو عدميا، بل الخير أيضا من المفاهيم ومن المعقولات الثانية على اصطلاح الفيلسوف، كمفهوم الوجود والإمكان والوجوب، وإن كان في مفهوم الوجود خلاف في أنه كمفهوم البياض والحركة، أو كمفهوم الوجوب والإمكان، وكما قال شاعرهم:
ومثل شيئية أو إمكان * معقول ثان جا بمعنى ثان (1) المسألة الثالثة أقربية السبب الأخير إلى المعلول في نسبة الجعل إليه تعالى ونسبة السفك والفساد إلى المجعول، وهكذا نسبة التسبيح والتقديس إلى الملائكة، شهادة على أن الأفعال مستندة إلى فواعلها القريبة، وتومئ الآية الشريفة إلى أن الملائكة أقرب إلى التسبيح والتقديس لله تعالى والمجعول في الأرض