* (ويفسدون في الأرض) * بالمفساد الروحية والأخلاقية، ويفسدون في أرض البدن وعلى حركتهم الذاتية الإلهية، فيسدون على الطبيعة السائرة إلى الساحة المقدسة طريقها ومنهجها وممرها المعين لها تكوينا، ف * (أولئك هم الخاسرون) * فلا يربحون في هذه التجارة، وقد سلكوا سبيل التاجر السفيه والكاسب المجنون الأبله في اتخاذهم المناهج الباطلة، الموجبة لبطلان رؤوس أموالهم ولفسادها عليهم، مع أنه كان لهم من رؤوس الأموال ما لا يعد ولا يحصى، فإنهم بها كانوا ينالون الخير الأبدي والسعادة المطلقة الكلية الدائمية، فخربوا بيوتهم بأيديهم فكان العذاب بهم جديرا.
وعلى مسلك العارف الرباني والسالك الصمداني * (إن الله) * بالاسم الجامع الكلي * (لا يستحيي) * بلا استحياء من عبده الفاني فيه، ولذلك * (لا يستحيي) * الرسول في أداء الأمانة وقراءة الآية، فإن عليا خشن في ذات الله.
وبالجملة: هو (صلى الله عليه وآله وسلم) يخاطب المنكرين ويقرأ قوله تعالى: * (إن الله لا يستحيي) * مع أنه لم يثبت للكفار أن القرآن من ناحية الله تعالى، ويكون هو (صلى الله عليه وآله وسلم) مظهر الاسم الجامع فلا يستحيي لأنه تعالى * (لا يستحيي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها) * فإن المستحيي يجهل التراكيب الواقعة في الأسماء والصفات ومناكحات الشؤون والأسماء، وهو تعالى يعلم مبادئ هذه الأعيان الثابتة، ويعرف من عرفان ذاته تبعيات صفاته وأسمائه، فلا يكون شئ خارجا عن سلطنته وسلطانه، فلا صغر لشئ