فإن الله تعالى قد علمه ولم يعلمهم، فليعد المحذور، وإن كان الملائكة يعرفون فالأمر أفسد، لأنهم - مضافا إلى معرفتهم به، فهم يتفوقون - لا فائدة في إخبارهم، ففي الحقيقة هنا عويصة جدا، ومشكلة صعبة.
والجواب: أن الملائكة كانوا عالمين بحكمته تعالى وعلمه تعالى، وأنه برئ عن النواقص بأجمعها، فإذا أنبأ آدم بالأسماء فلابد أنه عارف بها، ولو كان كذبا وافتراء لما سكت عنه جنابه تعالى، وفي قوله تعالى: * (ألم أقل لكم) * تصديق لصدق آدم في الإخبار، فلا منع من عدم خروجهم عن الجهالة بإنبائه، إلا أنهم التفتوا إلى كماله وتقدمه عليهم ولياقته، كما توجهت اخوة يوسف، فاعترفوا بأنه تعالى آثره عليهم.
الوجه الخامس عشر حول " تبدون " و " تكتمون " حذف العائد جائز وربما يدل على العموم وإن كان فيه إشكال بل منع عندنا، لقصور دلالته على العموم اللفظي بالضرورة، وأما الإطلاق فهو صفة خارجة عن اللفظ، ولا نحتاج في إفادته الإرسال إلى حذف العائد، فلو قال الله تعالى: أعلم ما تبدونه وما تكتمونه يلزم سريان علمه إلى الجميع، فتأمل.
والذي هو المهم بحسب البلاغة، عدم ذكر الفعل الماضي عند قوله تعالى: * (ما تبدون) *، وذكره عند قوله تعالى: * (وما كنتم تكتمون) * والظاهر أن أرباب التفسير ما التفتوا كثيرا إلى سؤاله، فضلا عن الجواب.