ثم إن لأحد أن يتوهم من الأمثلة السابقة المشتملة على الخصوصيات الهادية، كالصيب من السماء فيه الظلمات والرعد والبرق، وهكذا المثل السابق عليه، أن هذه الأمثال تشهد على أن الكلام ليس في حد كلام الله، وأنه لا ينبغي لجنابه تعالى ذلك.
فيشهد هذا وأمثاله على أنه كلام الآدميين فدفعا للتخيلات نزلت الآية الثانية من هذه المجموعة، وأن الله لا يستحيي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها، فبين الآيات نهاية الوحدة الهدفية والغرض المتسانخ.
ومن اللطيف أن الآية الثالثة من هذه الآيات في حكم تفسير الآية الثانية، ويستبان بها أحيانا أن الذين يشكون في الكتاب الإلهي إذا قام ونهض البرهان القطعي على أنه من عند الله، فيحصل لهم اليقين بذلك، فكيف يجوز عند العقل بعد ذلك نقض عهد الله بعد ميثاقه بالبرهان؟! وكيف يترخص لهم قطع ما أمر الله به أن يوصل، وهي الوحدة والاتفاق في الهدف والمعيشة؟ فيفسدون في الأرض بقطع تلك الوحدة، وهدم ذلك البنيان والإخلال في الحياة الاجتماعية، فلا يلتحقون بالمؤمنين، مع أنهم يتبعون البرهان والدليل، ولا يأخذون بالتعبد، ولا يكونون على العمى والتقليد.
الوجه الثاني حول حذف متعلق الإيمان قضية صناعة البلاغة في المقام تسهيل الأمر على المخالفين والكافرين والشاكين، فينادي لأجل ذلك احتمالا بقوله: * (وبشر الذين