الملائكة وسائر الخلق إلى أن الشرافة بالعلم، والقداسة بالمعرفة والإدراك الصحيح الواقعي، النظري كان أو العملي، فعلم الله تعالى آدم كما علم الملائكة، إلا أنه ليس تعليمه تعالى إلا كتعليمه بالنسبة إلى سائر الموجودات المتحركة نحو العلم حسب قيامهم وجدهم، وليس هو جزافا وباطلا وترجيحا بلا مرجح، فالنظر الأساسي كان إلى تلك الطريقة في البحث والافتخار والاستكبار.
الوجه الخامس وجه الإتيان بقوله: * (إن كنتم صادقين) * من المناقشات الظاهرة في هذه الآية: أن قوله تعالى: * (إن كنتم صادقين) * أجنبي عن الآيات السابقة، ولم يعهد من الملائكة إلا نسبة السفك والفساد إلى الخليفة، دون الجهالة حتى يقال: * (إن كنتم صادقين) *.
وقد وقعت آراؤهم في هذه المسألة في حيص بيص وكل أخذ مهربا، وأقرب ما وقع عنهم: أن النظر هنا إلى ذيل الآية، وهو قوله تعالى:
* (وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون) * فيعلم منه أنهم كانوا يعتقدون ما هو الكذب، وهي دعوى الأعلمية والأخبرية، وأن هذا الخليفة جاهل غير عارف بسبل السلام والفضائل والغيب والحقائق، فبهذه المناسبة والملاحظة قيل: * (إن كنتم صادقين) *.
وفيه: مضافا إلى أنه خلاف الظاهر، أن الخطورات الذهنية والتخيلات النفسانية والتسويلات الوهمية، لا توصف بالصدق