هذه الآية وأشباهها، وسيمر عليك في الآتي إن شاء الله تعالى.
وعلى مسلك العارف الخبير * (هو الذي) * إشارة إلى مقام الذات، الخالية عن جميع التعينات الأسمائية والصفاتية، فيكون نفس ذاته تعالى سببا للتجليات من غير دخالة اعتبار آخر، لأن الذات الأحدية المشار إليها بضمير الغائب كافية، * (خلق لكم) * بعد ما قدر بتقدير سابق عليه بفيضه الأقدس، فيكون الإنسان الكامل في السفر الثالث راجعا إلى الذات الأحدية، حتى يصح تقدير الأشياء لأجله وخلقها له، ولابد أن يكون هو السابق على تلك الأشياء كسبقه تعالى، فلا يكون قوله تعالى: * (لكم) * من التوسع والمجاز، لأنه بعد ذلك السفر، وبعد الفراغ عن السفر الثاني، برفض جميع حدود العقلية والوهمية والمقدارية والخارجية، وبفنائه عن الغيرية والسوائية، وبعد تعينه بالبقاء الباقي ببقائه تعالى، لا يكون غيره في الدار، فخلق ما في الأرض جميعا لكم، وخلق الخلق لكي يعرف، يرجع إلى أمر واحد في الغاية والنهاية.
* (ما في الأرض جميعا) * وما في الدون والأسفل من العقل الأول إلى العقول الأخيرة والعقل الفعال، وإلى ما تحت الثرى والثريا * (ثم استوى إلى السماء) * في قوس الصعود، فإن تلك الخلائق كانت في قوس النزول وإلى الفرار عن المركز والاستبعاد عن الأصل، فشرع في إرجاع الأشياء إلى المركز وإلى الأصل، وإلى سماء الحقيقة والسماوات الموجودة في هذا السير الجزئي، واللطائف السبعة الروحية والنفسانية