وبالجملة: قضية قوله تعالى: * (لهم جنات تجري) * ظاهره في الملكية، والملكية لا تتحقق إلا بعد وجود الملوك، فالجنة موجودة (1).
وما هو التحقيق، كما مر، ويأتي بوجه أليق - إن شاء الله تعالى - هو أن كلا من الجنة والنار ذات حصص ومراتب، بعضها موجودة حتى في هذه النشأة، وبعضها يوجد، وأما قوله تعالى: * (أن لهم جنات تجري من تحتها الأنهار) *، فاللام لا يدل على أزيد من الاستحقاق والجزاء، وهو أعم من وجود ما يستحقه حين الاستحقاق، كما هو أعم من وصول ما يستحقه إليه وعدمه.
وبالجملة: قضية بعض البراهين ولو كان امتناع وجود المقدرات المجردة في قوس النزول، لعدم وجود الأسباب المقتضية لتقدرها، إلا أن من المحتمل إمكان طرو التقدر من ناحية تنزل الفيض قهرا، وبذلك يصح تصور الملائكة المتجسمة غير المصاحبة مع المادة، من غير كونها من توابع الأنفس بعد المفارقة.
ويحتمل أن تكون الجنات المتقدرة لأهل الإيمان والأعمال الصالحة، مخلوقة جماعة السابقين، الموجودين في القوس الصعودي، فتكون الجنة والنار من مراتب قوس الصعود لا النزول، فيحصل التقدر من ناحية أسبابه الصحيحة، وهي المادة السابقة عليها، فلاحظ واغتنم.
ومن هنا يظهر حال الاستدلال بقوله تعالى: * (ولهم أزواج مطهرة) *.