أقول: قد مر أن الموت من الأمور الواقعية إذا قيست إلى ذات الأشياء، ومن الأمور الإضافية إذا قيست إلى الحياة في سائر الأشياء، الأرض ميتة بالقياس إلى زرع خاص، وحية بالقياس إلى زرع آخر، وربما تكون ميتة، ولا يتحمل مطلق الزرع، وفي هذه الآية حسب الأظهر يكون النظر إلى الحياة والموت الإضافيين، أي كنتم أمواتا بالقياس إلى الحياة الدنيوية، فإن الإنسان ما لم يتولد يعتبر ميتا بالقياس وإن كان حيا في ذاته، ثم بعد تلك الحياة الدنيوية يحصل الموت، أي الخروج عن تلك الحياة الدنيوية، ولو كانوا أحياء عند ربهم يرزقون، إلا أنها حياة أخرى لها آثار اخر، ثم بعد تلك الحياة المجتمعة مع الموت عن الحياة الدنيوية، تحصل الحياة الأخرى تشبه الحياة الدنيوية بحسب الآثار والأحوال.
والظاهر أن قوله تعالى: * (إليه ترجعون) * هي الحياة الأخيرة الباقية فالإحياء الثاني إحياء في البرزخ، فتكون الآية أدل على وجود الحياة في البرزخ. نعم قضية كلمة " ثم " للتراخي هو الفصل، إلا أنه لأجل بعد زمان البرزخ المتوسط الذي فيه حياة وإقبار، حياة بالقطع لقيام النقل والعقل، وإقبار وهو الممات بالقياس، فتنحل المعظلة عند الحكيم والمتكلم جميعا.
البحث الثالث حول بطلان القول بالتجسيم ذهب جمع من القشريين من الكلاميين المنتمين إلى الإسلام، إلى أن الله يتجسم أو فيه من التجسم والجسمية شئ، نظرا إلى بعض