الزمان مجتمعات في وعاء الدهر، وأن تلك الكثرات الكائنة اللاحقة، لها الوحدة السابقة الجامعة، ولها الكينونة الجمعية، حتى قيل:
المتفرقات في عالم الزمان مجتمعات في عالم الدهر، والمتفرقات في عالم الدهر مجتمعات في عالم السرمد (1)، وقد فصلنا القول حوله في " قواعدنا الحكمية ".
إلا أن هناك ربما يتوهم دلالة الآية الشريفة على تلك المسألة وعلى عالم الذر المشار إليه في قوله تعالى: * (وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم) * (2)، وأنه هو المعنى المقصود من قوله تعالى:
* (الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه) * مع أن الآية ظاهرة في ارتباطها بالآيات السابقة، وأن الكافرين بعد معرفة الأدلة الكافية على التوحيد والرسالة، هم الفاسقون الذين ينقضون عهد الله، من بعد وضوحه وتأكده وتوثيقه بتلك الأدلة، فلا يؤمنون، وينصرفون إلى أباطيلهم، ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل، وهي الوحدة الإسلامية واللحوق بالمسلمين، ويفسدون في الأرض زائدا على ذلك الأمر.
فبالجملة: الاستدلال المزبور في غير محله.