فإذا أمكن الالتزام بما هو ظاهر القرآن العزيز لا يتم الاستدلال المذكور، ثم إنه لا دليل على الاستحقاق، لإمكان أنه تعالى يتفضل عليهم ويجعل لهم الجنة الكذائية تفضلا ورحمة وترغيبا للآخرين، فلا تخلط.
المبحث الثالث حول دلالة الآية على امتناع الحبط اعلم أن من المسائل الخلافية مسألة حبط الأعمال وتحقيقها على الوجه الوافي يأتي من ذي قبل في محل أنسب إن شاء الله تعالى.
والمقصود هنا الإشارة إلى استدلال بعض القاصرين - كالفخر وغيره - بهذه الآية الكريمة على امتناع الحبط، وذلك لظهور قوله تعالى في أن * (الذين آمنوا وعملوا الصالحات أن لهم جنات تجري من تحتها الأنهار) *، ومقتضى الإطلاق أن ذلك ثابت لهم، سواء كفروا بعد ذلك أو آمنوا، وحيث لا معنى لاستحقاقهم بعد الكفر، فيمتنع الكفر بعد الإيمان، وحيث لا معنى لكون الكفر محبطا للإيمان السابق، لامتناع التحابط، فيكون الكفر بعد الإيمان ممتنعا.
ولو قيل: إن الفرض المذكور واقع، فكيف يكون ممتنعا، وقد قال الله تعالى: * (إن الذين آمنوا ثم كفروا ثم آمنوا ثم كفروا) * (1)؟
قلنا: هذا الإيمان صورة ظاهرية من الإيمان، ولا يكون إيمانا واقعيا