الوجه الثالث إضافة النعمة إلى بني إسرائيل ربما يتوهم أن الخطاب العام الشامل للسابقين واللاحقين، لا يناسب عصر النبوة الحقة الباقية، بعد كون المراد من النعمة هي تلك النعمة، مع أن اختصاص الإضافة بهم غير مناسب للبلاغة لأعمية الرسالة.
وغير خفي: أن كل ذلك حذرا عن خصومتهم الملدة، وهم في الخصام متمادون وأعمية الخطاب للسابقين غير مسموعة، ومن تأخر فهو مندرج في هذه النعمة وتلك الإضافة لتعيين ضمائرهم إلى الحق ولتوجيه الأمة الإسلامية إلى كيفية المنهج في الدعوات الإسلامية، وأنه لاخير في كثير من دعواهم المشفوعة بالخشونة والبربرية.
هذا، مع أن الأشبه كون النعمة أعم من نعمة الرسالة الخالدة، ورسالة موسى (عليه السلام)، وسائر نعم الله تعالى عليهم وعلى آبائهم، ومنها كونهم في المدينة وبعض ضواحيها من بني قريظة والنضير الذين كانوا من أولاد يعقوب - على ما قيل - وإن كان الأظهر هي نعمة الرسالة الخالدة، بشهادة شرافتها للذكر، ولإضافتها إليه تعالى، ولكونها نعمة عنده تعالى، ولمناسبة الجملة التالية * (أوفوا بعهدي أوف بعهدكم) *، وهكذا فلا يلزم على كل خلاف وجه من وجوه البلاغة.
وربما يتوهم أو يقال: إن في الآية تذكيرا بنعمة رسالة موسى (عليه السلام)، وهو أبوهم ومنهم.