هل هو آدم شخصي بحسب التأريخ قبل نوح، وهو نبي من أنبياء الله بالمعنى المعهود من النبوة، أم هو كلي طبيعي، ويكون كل إنسان خليفة الله تعالى بحسب الطبع، وكل إنسان أمرت الملائكة بالسجود له، وكل إنسان علمه الله الأسماء كلها... وهكذا، وأن طينة آدم - بحسب الخلقة الأصلية - خمرت بيدي الجلال والجمال أربعين عاما، لا آدم الشخصي الخاص، أو أن هناك آدمين: آدم أول، وهو أول آدم في كرة الأرض، ومذكور في بعض الآيات، وآدم كلي مذكور في بعضها الآخر، مخصوص ببعض الخواص والآثار، وسيظهر - إن شاء الله تعالى - تحقيقه من ذي قبل.
المسألة الثانية: حول مسألة الخير والشر من المسائل المحررة في علم التوحيد أن الله تعالى محمود في كل أفعاله، وهذه الآية تشهد على أن آدم المجعول في الأرض يفسد فيها ويسفك الدماء، وهذا مورد التصديق، ومع ذلك كله بادر الله تعالى في خلقه وجعله، نظرا إلى مقصد أعلى وغرض أهم، فكيف لا يكون في العالم شر؟! وكيف لا يكون في الوجود شر؟! وكيف يصح أن يقال: الوجود كله خير وخير كله؟! بل المقاييس لازمة المراعاة في أفعالنا وأفعاله تعالى، فلا فرق بين العقلاء من الأناسي وبين الله تعالى في رعاية الأمر والمحاسبة، فيختار الأهم ويترك المهم، فيكون شر في ذاته، وخير بالقياس، وعدم بالنسبة، ووجود محمود في الجملة، لا على الإطلاق، وبذلك يمتاز عالم الملك والناسوت والمادة والحركة عن العوالي